بعدما تركته زوجته شيماء بسبب فقره، وفقدان تجارتهه انظر الجزء الأول من القصة زاره صديقه ونصحه بزيارة فقيه المدينة. فعل ذالك فسمع منه كلمة شعر عاصم براحه غريبه تسري في روحه وكان ابوابا كانت مغلقه قد انفتحت امامه بالنور نهض من مكانه شكر الشيخ وانطلق عائدا الى منزله بعزيمه لم يشعر بها من قبل.
تغيير مسار الحياة عاصم
ومنذ تلك الليله بدأ يقرأ القرآن في بيته ومتجرة ويتضرع الى الله في كل سجده، يرفع كفيه بالدعاء في ظلمه الليل، ويوقن أن الفرج قريب. لم يمر وقت طويل حتى وقعت العرافة صريحه الفراش، ألم شديد ينهش جسدها وحرارة مرتفعة لم تفلح معها اي ادويه او علاجات، مرت الايام وازدادت حالتها سوءا حتى فقدت شهيتها للكلام والطعام.
وفي احدى الليالي بينما كانت تتقلب في سريرها سمعت احد الزائرين يتحدث عن عاصم وما حل به من مصائب ونكبات، وكيف تحول من تاجر ناجح الى رجل معدم بسبب سوء حظه، عندها اهتز قلب العرافة، وتذكرت التعويذه التي صنعتها لزوجته الغادره ففهمت انها السبب فيما اصابه.
همست بصوت متحشرج يا ويلي ما الذي اقترفته يداي ثم اخذت تجهش بالبكاء ندما، كانت تعلم ان نهايتها تقترب ولم يعد أمامها الا التكفير عن ذنبها، نظرت الى ابنتها كوثر التي كانت مؤمنة بالله، ولم تكن راضية عن اعمال والدتها وقالت لها بصوت ضعيف. ابنتي اذهبي الى عاصم فورا واخبريه ان هناك تعويذه شريره مخباه في متجره هي السبب في شقائه وفقره عليه ان يجدها ويتخلص منها.
تخلص من تعويذة
ترددت كوثر لكنها ادركت ان قول الحقيقه هو الصواب فخرجت مسرعه تلهث من الخوف والقلق واتجهت مباشره الى متجر عاصم، عندما وصلت وجدته جالسا على عتبه المتجر وجهه شاحب وعيناه زائغتان من الحزن اقتربت منه، وقالت بنبرة جاده يا عاصم لدي ما اقوله لك لقد كانت هناك تعويذه ملقاه في متجرك وضعتها زوجتك السابقة وهي السبب فيما اصابك من سوء الحظن عليك ان تجدها وتتخلص منها في الحال.
تغيرت ملامح عاصم واتسعت عيناه دهشه وذهولا، لكن قلبه الذي اعتاد الصدمات صدق كلمات الفتاة شكرها بايماءه واندفع فورا الى داخل متجره باحثا عن اللعنة المخفية قلب الارفف وفتح الصناديق ونبش كل زاوية حتى وجدها ملفوفه في قطعة قماش سوداء تفوح منها رائحه غريبه، الى الجحيم معك قالها وهو يمزق القماش ويرمي التعويذة في النار يراقبها وهي تتحول الى رماد .
بدأت الأمور تتغير
لم يمر وقت طويل حتى بدات الزبائن تعود واحدا تلو الاخر وكان السحر الذي قيد رزقه قد انكسر وبدات تجارته بالازدهار من جديد، عاصم لم يكن يحمل حقدا في قلبه فقد كان رجلا كريما وعطوفا، فاراد ان يشكر كوثر على صنيعها كما راوده شعور غريب دفعه الى زياره والدتها المريضة.
لكنه عندما وصل الى بيت العرافة وجد كوثر جالسة على عتبه الباب وجهها شاحب ودموعها تنساب بصمت ما بك يا كوثر سألها بصوت متردد نظرت اليه بحزن، وقالت بصوت مختنق لقد توفيت امي شعر عاصم بغصه في حلقه فتمتم بحزن، إنا لله وإنا إليه راجعون رغم كل ما عاناه بسبب العرافة، لم يستطع إلا ان يشعر بالشفقه عليها، فقد تابت قبل موتها وحاولت اصلاح ما افسدته.
نظر الى كوثر التي اصبحت وحيده في هذه الدنيا وقال لها بلطف اذا احتجت اي شيء لا تترددي في المجيء الي أومأت الفتاة راسها بامتنان ثم انصرف عاصم وهو يحمد الله على كشف الغمة.
زواج عاصم من بنت العرافة كوثر
لم يمر وقت طويل حتى بدا عاصم يشعر بانجذاب نحو كوثر ابنة العرافة، فقد راى فيها طيبه القلب ونقاء السريرة وعلم انها عاشت طوال حياتها مع والدتها وهي غير راضية عن اعمالها. كانت مختلفه عنها تماما تمتلك روحا نقيه واخلاقا حسنه مما جعله يفكر في أن تكون شريكه حياته وبعد فتره من التفكير قرر ان يخطبها ويتزوجها.
فقد كان يرى فيها الخير الذي فقده في زواجه الاول عندما فاتحها في الامر احمر وجهها خجلا لكنها وافقت بقلب ممتن فقد كانت تعلم ان عاصم رجل صالح وقدر لها معروفها عندما انقذته من المصيبه التي حلت به وهكذا تم الزواج.
وعاش عاصم حياة جديدة مع كوثر التي كانت تملا منزله بالسعادة والطمانينة كان كل يوم يزداد حبا لها فقد وجد فيها الوفاء والصدق والاخلاق الحسنه التي لم يجدها في زوجته السابقه.
اما كوثر فقد عوضها الله برجل صالح يحبها ويحترمها بعد ان فقدت والدتها واصبحت وحيده في الدنيا مرت الايام وبدا عاصم يفكر في تجديد متجره القديم فقرر ان يقوم بترميمه ليكون اكثر ازدهارا مما كان عليه.
استاجر بعض العمال وبداوا في الحفر واعاده بناء الاساسات واثناء الحفر ارتطم احد العمال بجسم صلب مدفون في الارض نادى على عاصم، الذي اسرع نحوه وما ان ازالوا التراب حتى وجدوا صندوقا خشبيا عتيقا يبدو انه مدفون منذ سنوات طويلهن وقف عاصم مذهولا وقلبه ينبض بسرعة من وضع هذا الصندوق هنا وماذا بداخله بيدين مرتجفتين فتح الغطاء الخشبي، فوجد داخله بعض القطع الذهبيه المتراصة بعنايه وورقه قديمه طويت بعنايه امسك بالورقه وبصوت مرتجف بدا يقرا.
ابني العزيز هذا الذهب قد توارثته عن اجدادك ولم احتاج اليه يوما فقد قررت ان احتفظ به لك ودفنته هنا في المتجر فان اراد الله لك ان تجده فستجده باذنه ويكون من رزقك، امتلات عينا عاصم بالدموع وشعر بقشعريرة تسري في جسده كان والده قد ترك له هذا الكنز منذ سنوات.
لكنه لم يعلم به قط رفع رأسه الى السماء وقال بصوت متاثر رحمك الله يا ابي ورحم اجدادي الذين حفظوا لي هذا الرزق نظر الى الذهب، وكان كافيا لتوسيع اعماله وبدء حياه جديده بكل راحه وسعه رزق شعر ان الله قد عوضه عن سنوات الشقاء ومنحه ما يستحقه بعد صبره الطويل .
في ذلك المساء عاد الى منزله واخبر زوجته بما حدث فرحت فرحا شديدا وقالت له هذا جزاء صبرك وايمانك ان الله لا ينسى عباده الصالحين. بمرور الايام استطاع عاصم ان يسدد ديونه وازدهرت حياته وابتعد عنه الفقر تحولت تجارته من متجر مهجور الى واحد من انجح المتاجر في المدينة، بفضل اخلاصه وعمله الجاد كان الناس يقصدونه بحثا عن البضائع الجيده ولكن ايضا بحثا عن النصيحة فقد اصبح مثالا يحتذى به في الصبر والاجتهاد.
اما حياته الزوجية الجديدة فقد كانت مليئة بالراحة والطمانينه كانت زوجته ابنة العرافه تدرك قيمه البساطة والرضا فكانت تعيش معه بقلب راض ونفس مطمئنة، لم تكن تطلب منه اكثر مما يستطيع بل كانت تشجعه في كل خطوه وتقف الى جانبه في السراء والضراء. ومع مرور السنوات توسعت اعمال عاصم وازداد نجاحه واصبح اكثر حكمة وقوة حتى صار رمزا للخير والعمل عمل الجاد في المدينه يعرفه الجميع بامانته وسيرته الطيبه .
مصير الزوجة الخائنة التي تركت زوجها
وفي احد الايام وبينما كان عاصم عائدا من عمله عند الغروب لمح مشهدا غريبا على الطريق، كانت هناك امرأة تجلس على الارض تمد يدها للماره تطلب منهم الصدقه كانت تبدو في حال يرثى له ملابسها ممزقه ووجهها شاحب وعيناها غارقتان في الدموع، لكن ما ادهشه حقا هو انها لم تكن غريبة عليه.
بل كانت زوجته السابقه تلك التي تركته في اصعب لحظاته والتي اختارت الثروة على الحب وقف في مكانه مذهولا غير مصدق لما يراه لم تكن فقط تجلس في الشارع تتسول بل كان وجهها يحمل اثار حروق واضحة شوهت ملامحها تماما. تردد للحظات ثم اقترب منها وسالها بصوت هادئ لكنه لا يخلو من الدهشة، انت ماذا حل بك وكيف انتهى بك الحال هنا رفعت راسها ببطء وكانها لم تصدق انها تسمع صوته من جديد نظرت اليه بعيون دامعه ثم اطرقت براسها خجلا وقالت بصوت مرتجف نعم انا هي ولكن لم اعد تلك المراه التي تعرفها.
فقد خسرت كل شيء نظر اليها عاصم منتظرا ان تواصل حديثها فاكملت بصوت مكسور عندما طلبت منك الطلاق ورفضت ان اكمل حياتي معك كنت اعتقد انني ساحصل على السعادة بمجرد ان اتركك واتخلص من فقرك تزوجت من رجل ثري يدعى السيد جمال، وانتقلت الى قصره الكبير وعشت حياه الترف التي حلمت بها دائما كنت اعتقد انني قد حققت كل ما اريده وانني قد تركت الفقر خلفي الى الابد. توقفت للحظه واخذت نفسا عميقا وهي تحاول حبس دموعها ثم تابعت بصوت منكسر لكن السعاده لم تدم طويلا ..
تشوه وجهها وطلاقها من جمال
ففي احد الايام بينما كنت اشرف على عمل الخدم في المطبخ ، شاب حريق في الموقد ولم اتمكن من الابتعاد في الوقت المناسب اشتعلت النيران في المكان واحترق وجهي وتغيرت ملامحي تماما لم اعد تلك المرأة الجميلة التي احبها جمال، رفعت يدها لتلمس وجهها المشوه ثم اكملت بحزن عميق وحينها فقط ادركت الحقيقة القاسية، جمال لم يكن يحبني كان يحب جمالي فقط ومع مرور الايام بدا يعاملني بجفاء ثم بقسوه ثم بدا يتجنبني تماما لم يعد يطيق النظر إلي.
وبدا يقضي وقته مع غيري وكانني لم اعد موجودة وفي النهاية طلقني وطردني من قصره، دون ان يمنحني حتى ما يكفيني للحياة هكذا وجدت نفسي في الشارع وحيدة بلا منزل بلا مال وبلا احد يسال عني اسدلت راسها ثم همست بصوت بالكاد يسمع وهكذا انتهى بي المطاف.
هنا اعيش على ما يجود به الغرباء بعدما كنت اعتقد انني املك الدنيا، وقف عاصم امامها صامتا يتامل حالها لم يكن يشعر بالشماته بل شعر بالعبرة والعظة تذكر كم تألم حين خانته وكيف صبر واحتسب وكيف عوضه الله بما هو افضل نظرت اليه بعينين مليئتين بالحزن والندم وقالت بصوت متقطع اريد منك ان تسامحني على كل ما فعلت ، واريد ان اعود اليك مره اخرى ارجوك امنحني فرصه ثانيه.
وقف عاصم متاملا اياها للحظات ثم زفر ببطء، وقال بصوت هادئ لكنه حازم لقد سامحتك منذ اللحظه التي تركتيني فيها ورحلتي سامحتك لانني لم اشاء ان اعيش حاملا الكراهية في قلبي لكن ان اقبلك زوجه لي من جديد لا استطيع لقد فات الاوان نظرت اليه بذهول ثم همست لماذا هل هناك من حل مكاني أوماء عاصم براسه وقال بهدوء نعم.
عاصم القلب الطيب
لقد تزوجت من إمرأة قبلت بي رغم ظروفي القاسية، عاشت معي في فقري ورأت في الانسان قبل المال انها ابنة العرافة، امرأة تمتاز بالاخلاق الطيبة والبساطة والرضا ، وانا لا استطيع ان ارد لها معروفها بالزواج من اخرى قلبي صار لها وحدها ساد الصمت لبرة ثم اضاف عاصم وهو ينظر اليها بعينين لا تحملان اي بغض ولكن ايضا بلا اي حب مع ذلك لا اريد ان اراك تائهة في الطرقات.
ان احتجت الى المساعده فبيتي مفتوح لك في اي وقت كانسانه تحتاج للعون لا كزوجه لم تجد الزوجة السابقة ما تقوله فقد ادركت في تلك اللحظة ان كل ما كان يمكن ان تحصل عليه قد ضاع منها الى الابد.
نظرت اليه نظرة طويلة قبل ان تخفض راسها في استسلام اما مصيرها فقد كان اكثر قسوة مما تخيلت ظل تتنقل بين المدن لا تجد ماوى ثابتا تحمل ندمها كعبء ثقيل يلازمها في كل خطوه كانت ترى النساء يعشن مع ازواجهن في حب ورضا وتدرك كم كانت مخطئه، عندما فضلت الطمع على القناعه والمال الحب الحقيقي هكذا علمت ولكن بعد فوات الاوان، ان الطمع وعدم الرضا بالحال يجلبان سوى التعاسه وسوء المصير .
إلى هنا تنتهي قصتنا إلى قصة مشوقة أخرى دمتم في رعاية الله.السلام عليكم.
شاهد القصة عبر قناتنا حكايات عدنان :